بعد مرور ساعات قليلة على توقيع اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية في العاصمة التركية إسطنبول، عملت روسيا، في خرق سافر لجميع المواثيق والقوانين المتعارف عليها دوليا، على قصف ميناء أوديسا الذي كان في انتظار (أو من المتوقَّع) أن تتم عملية نقل وتصدير الحبوب من خلاله. في حين لازالت المعارك مستمرة على جبهات عدة وسط ضربات متبادلة بين قوات الجيش الأوكرانية ونظيرتها الروسية، وقد أعلنت الرئاسة الأوكرانية خلال ذلك عن تَلقِّيها من جديد لمساعدات من واشنطن تتمثل في دعم عسكري إضافي.
كما وصفت كييف الهجوم الصاروخي الروسي على ميناء أوديسا الأوكراني مباشرة بعد توقيع اتفاقية تصدير الحبوب للعالم على أنه عبارة عن تناقض دبلوماسي.
في نفس السياق، أشار فولوديمير زيلينسكي رئيس دولة أوكرانيا إلى أن القصف الروسي الأخير الذي استهدف ميناء أوديسا هو تصرف غير لائق بتاتا باتفاق إسطنبول الذي من شأنه العمل على تسريع عمليات تصدير الحبوب الأوكرانية للعالم، حيث أن هذا القصف وجّه ضربة صادمة وغير متوقعة لهذا الاتفاق. وعند لقائه مجموعة من المشرّعين الأميركيين في كييف أمس السبت، أضاف الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن قوات الجيش الروسي استهدفت ميناء أوديسا بضربات صاروخية في وقت لا يقل عن 24 ساعة بعد توقيع اتفاق إسطنبول بالدولة التركية، الذي تم الإشراف عليه بواسطة الأمم المتحدة والرئاسة التركية، المتعلق كما سبق الذكر بمسألة تصدير الحبوب من موانئ أوكرانيا.
واسترسل السيد زيلينسكي حديثه قائلا أن الهجمات الروسية الغير متوقعة استهدفت المحطات الخاصة بالحبوب أيضا، وأن هذا الفعل ما هو إلا تَهرُّب واضح لروسيا من أجل إيجاد طريقة ما لعدم تنفيذ الاتفاق الذي سبق أن تمت عملية التوقيع عليه في مدينة إسطنبول الجمعة الماضي، وأيضا من أجل عدم تنزيله إلى أرض الواقع بغية إنهاء الحرب.
وقد جاء عن الرئاسة الأوكرانية قبل ذلك في أحد تصريحاتها على أن رئيس دولة روسيا فلاديمير بوتين بفعله هذا أبَانَ عن رفضه التام والقاطع لهذا الاتفاق، حيث أنه عمل على توجيه ضربة لم تكن في الحُسبان إلى الأمم المتحدة ودولة تركيا، وذلك في تحدٍّ سافر لجميع الأطراف من خلال الهجوم الأخير على الدولة الأوكرانية، وتحديدا القصف الصاروخي الذي استهدف ميناء أوديسا.
وحسب ما جاء في تصريح للجيش الأوكراني، فإن الدفاع الجوي لهذا الأخير تمكن من إسقاط عدد من صواريخ الجيش الروسي فوق ميناء أوديسا، وأضاف أن الصاروخين اللذين تم قصفهما على الميناء الأوكراني أصابا محطة لشحن الحبوب، كما أكد أنه مع كل هذا فإن الأضرار لم تكن بالغة الخطورة وكانت محدودة.
من جهة أخرى، صرَّح حاكم أوديسا على أنه بسبب الهجومات الصاروخية الروسية فقد تمَّت إصابة عدد من الأشخاص.
في سياق آخر، جاء على لسان عضو مجلس الدوما الروسي يفغيني بوبوف أن الدولة الروسية استهدفت في قصفها مواقع عسكرية بالقرب من ميناء أوديسا، وأن السفن الخاصة بنقل الحبوب لم يصبها أي ضرر من جراء القصف، وكذلك لم يتم قصف بتاتا أية مواقع مدنية.
كما قال أيضا المتحدث نفسه أن الدولة الروسية ليست ضد عملية تصدير الحبوب نحو باقي دول العالم، ولا تمنع خروج السفن من الميناء.
وحسب ما قد ورد بين دولتي روسيا وأوكرانيا في الاتفاق الذي تم توقيعه بوساطة الرئاسة التركية وتحت رعاية الأمم المتحدة في مدينة إسطنبول، من أجل تصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية والوقوف على عملية تأمين إخراجها من الموانئ، فإنه يُسمَح بتصدير ما بين 20 و25 مليون طن من الحبوب العالقة في دولة أوكرانيا، كما أن مدة هذا الاتفاق تصل إلى 120 يوما مع القابلية للتمديد.
ولقد ندّد السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بالهجوم الصاروخي من قِبَل روسيا على ميناء أوديسا التابع لدولة أوكرانيا.
كما قال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن جميع الجهات المعنية باتفاق إسطنبول تعهَّدت أمس الجمعة بمجموعة من الالتزامات والتعاقدات الواضحة من أجل ضمان نقلٍ سريع وآمن للحبوب الأوكرانية وباقي المنتجات الأخرى إلى السوق العالمية، وإن التطبيق الكلي لهذه الالتزامات من جانب روسيا وأوكرانيا وتركيا أمر محتَّم وواجب.
من جهتها أدانت الولايات المتحدة الأمريكية "الضربات الصاروخية الروسية" المستهدِفة لميناء أوديسا الأوكراني، كما عبَّرت عن شكِّها في مدى مصداقية تعهُّدات والتزامات موسكو المتعلقة برفع الحظر عن صادرات الحبوب ضمن اتفاق إسطنبول الذي وافقت عليه ووقَّعته أمام الجميع يوم الجمعة الماضي.
في حين قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إنه أجرى اتصالات هاتفية مع مسؤولين من الجيش الروسي، وإن هؤلاء أنكروا كل الاتهامات الموجهة لروسيا وأكدوا أنه لا علاقة لهم بالهجوم الصاروخي على ميناء أوديسا.
وفي السياق ذاته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن تركيا ستعمل على تقديم إسهامات بالغة الأهمية للتصدي والتغلب على أزمة الغذاء العالمية التي تعاني من ويلاتها جميع البلدان، وذلك من خلال تسريع عملية استئناف حركة السفن التي ستبدأ في الأيام المقبلة في الموانئ الأوكرانية.
المصدر : موقع الجزيرة + وكالات
اذا كان لديك اي استفسار حول الموضوع لا تنسي ان تضع تعليقك هنا